|
تفاصيل المقالة |
|
|
قائمة المقالات | إبحث في المقالات | مقالات أخرى في مقالات | مقالات أخرى من د.فهد الشثري |
أمية العمالة.. ناقوس خطر لم يقرع بعد |
الكاتب: د.فهد الشثري - 23/07/2012 |
|
ربما تتساءل ما سبب هذا الازدحام والفوضى في مدينة الرياض وغيرها من المدن الرئيسية في المملكة, أو ربما تتساءل عن سبب عدم الالتزام بقواعد المرور أو آداب الطريق كالوقوف مثلاً بشكل خاطئ أو تعطيل حركة السير في الطرق السريعة، أو ربما تتساءل وأتساءل معك عن كثير من المظاهر التي لا تتناسب مع قيم مجتمعنا كالبصق في الطريق العام أو أمام المساجد أو كب نفايات المباني في الأحياء الجديدة وغير المأهولة. وربما نتساءل جميعاً عن هذا الارتفاع في معدلات الجريمة داخل المدن وعن تزايد حالات الفساد في أروقة بعض الدوائر الحكومية، ما أسباب ذلك ومن المستفيد منه؟
بالطبع هناك إجابات وتفسيرات كثيرة لهذه الظواهر قد يكون أحدها مثلاً انتشار البطالة وتزايد سكان المدن الرئيسة أو تقاعس إدارات المرور والشرطة عن القيام بواجبها للحد من المخالفات والجريمة. لكن سببا رئيسا يبرز من خلال الأرقام والإحصاءات قد يعطي إجابة مقنعة لكل تلك التساؤلات. ولن أجزم أن هذا هو السبب الوحيد، لكنه بلا شك سبب رئيس يؤدي إلى كثير من المشكلات التي نراها في حياتنا اليومية وتتفرع منه مشكلات أخرى سواء في قطاعات أخرى من القطاعات الخدمية والأمنية أو في القطاعات الاقتصادية كقطاع العمل والخدمات البلدية وغيرها.
الإحصاءات التي تنشرها وزارة العمل فيها جواب لكل تلك التساؤلات: نحن نستضيف من العمالة أقلها مهارة وخبرة وأكثرها تخلفاً وجهلاً، والسؤال من المستفيد وما النتيجة؟ إحصاءات العمالة تشير إلى وجود أكثر من 840 ألف عامل أمي على أرض المملكة, وهم يمثلون ما نسبته 15 في المائة من العمالة الأجنبية بمختلف فئاتها. تخيل نحن نستورد ما يقارب المليون أمي من مختلف أنحاء العالم، والسؤال: ماذا يمكن أن يضيف هؤلاء إلى التنمية وإلى التقدم الحضاري في المملكة؟ كيف يمكن أن نستقبل ما يلفظه العالم من عمالة؟ وما القيمة المضافة التي يمكن أن يضيفها هؤلاء إلى ركب التنمية؟
الإحصاءات لا تقف عند هذا الحد بل تفصل أكثر، حيث تشير إلى أن عدد من يقرأ ويكتب فقط من العمالة الأجنبية ودون أي تأهيل آخر يقارب 3.3 مليون عامل يشكلون ما نسبته 61 في المائة من العمالة الأجنبية الموجودة على أرض المملكة. إحصاءات مخيفة تؤكد دورا كبيرا يلعبه وجود هذا النوع من العمالة في كثير من مظاهر التخلف والفساد والجريمة التي نواجهها في المملكة. وبجمع الرقم السابق مع الأخير يتضح أن ما نسبته 76 في المائة من العمالة التي نستقدمها إلى المملكة لا تحمل حتى أي تأهيل في أي من مراحل التعليم العام, وهو ما يثير تساؤلات كبيرة أختزلها في سؤال واحد: ما الآثار السلبية الاجتماعية والاقتصادية والأمنية لوجود هذا النوع من العمالة على أرض المملكة؟
الإجابة عن هذا السؤال ستجدونها في أدراج مراكز الشرطة وإدارات المرور وأمانات وبلديات المدن وإدارة مكافحة التزوير ومكافحة التسول وغيرها من الإدارات الحكومية التي تتوافر لديها بيانات عن المشكلات الناتجة عن عمالة من هذا النوع. هذا الأمر يجب أن يأخذ عناية خاصة من حيث البحث والدراسة لأنه سبيل لحل كثير من المشكلات التي تواجهها هذه الإدارات وغيرها من الإدارات الحكومية. وإذا ما أضفنا إلى ذلك الحرية الكبيرة التي تتمتع بها هذه العمالة في العمل دون رقيب وحسيب فسنتعرف على الدور الكبير الذي تلعبه في التأخر الحضاري للوطن. ولتتعرف على ذلك تجول في بعض الأحياء التي تم تطويرها حديثا في شمال مدينة الرياض وستفاجأ بكمية مخلفات البناء التي تكب في شوارع تلك الأحياء الجديدة من قبل هذه العمالة.
جميع دول العالم تضع ضوابط مشددة على نوعية العمالة التي تفد إليها وتعمل على أن تستقدم الكفاءات التي يمكن أن تضيف إلى الوطن لا الكفاءات التي تستنزف مقدراته وإمكاناته، علاوة على نقلها مظاهر التخلف الحضاري في بلدانها إلى داخل الوطن. والأمر لا يتعلق فقط بالعمالة الفنية ولكن بجميع أنواع العمالة دون استثناء, حيث يجب أن تكون هناك انتقائية سواء من حيث الجنسيات أو من حيث المهارات التي تحملها تلك العمالة, كما يجب أن يكون هناك حد أدنى من التعليم كشرط أساسي للعمل في المملكة. لكن واقع الحال يؤكد أننا حالة استثنائية في كل شيء, وأننا لا نقول (لا) لمن يريد أن يفد إلينا، وبالتالي إذا قبلنا أن نكون على هذا الحال، فيجب ألا نستغرب وجود هذه المشكلات المرورية والأمنية وازدياد مظاهر التخلف وعدم الالتزام الحضاري في مجتمعنا.
هذا الأمر يجب أن يدق ناقوس الخطر في جميع الأجهزة الحكومية ذات العلاقة، ومن ثم يجب على كل تلك الجهات القيام بدراسات مكثفة عن أثر وجود هذا الكم من العمالة غير المتعلمة في الواقع الأمني والاجتماعي والاقتصادي في المملكة، كما يجب أن تقوم تلك الجهات، كالمرور مثلا, بنشر بيانات عن نسب الحوادث التي يكون الأجنبي طرفاً فيها، أو الجرائم التي يكون الأجنبي طرفاً فيها، لنتمكن من تقدير تكلفة وجود هذه العمالة على الوطن على الأقل من الناحية الاقتصادية، عدا آثارها الاجتماعية التي يصعب تحديدها كمياً. هذه ليست دعوة عدائية ضد الأجنبي بقدر ما هي دعوة إلى أن نضع مصلحة الوطن ومواطنيه فوق كل اعتبار، وإذا ما أردنا أن نتقدم حضاريا فيجب أن نفكر فيمن سيساعدنا على تحقيق هذا التقدم. |
|
التعليقات (4)
|
|
ابو البراء